فصل: قال ابن عادل:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من فوائد الشعراوي في الآية:

قال رحمه الله:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}.
نحن نعلم أن قد للتحقيق.. ونرى.. فعل مضارع مما يدل على أن الحدث في زمن التكلم.. الحق سبحانه وتعالى يعطينا صورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. أنه يحب ويشتاق أن يتجه إلي الكعبة بدلا من بيت المقدس.. وكان عليه الصلاة والسلام قد اعتاد أن يأتيه الوحي من علو.. فكأنه صلى الله عليه وسلم كان يتجه ببصره إلي السماء مكان إيتاء الوحي.. ولا يأتي ذلك إلا إذا كان قلبه متعلقا بأن يأتيه الوحي بتغيير القبلة.. فكأن هذا أمر شغله. إن الله سبحانه يحيط رسوله صلى الله عليه وسلم بأنه قد رأى تقلب وجه رسوله الكريم في السماء وأجابه ليتجه إلي القبلة التي يرضاها.. فهل معنى ذلك أن القبلة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي بيت المقدس لم يكن راضيا عنها؟ نقول لا.. وإنما الرضا دائما يتعلق بالعاطفة، وهناك فرق بين حب العاطفة وحب العقل.. ولذلك لا يقول أحد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن راضيا عن قبلة بيت المقدس.. وإنما كان يتجه إلي بيت المقدس وفي قلبه عاطفة تتجه إلي الكعبة.. هذا يدل على الطاعة والالتزام.
الله يقول لرسوله عليه الصلاة والسلام: {فلنولينك قبلة ترضاها} أي تحبها بعاطفتك.. ورسول الله عليه الصلاة والسلام كان يتطلع إلي هذا التغيير، فكأن عواطفه صلى الله عليه وسلم اتجهت لتضع مقدمات التحويل. قال الله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام}.. والمراد بالوجه هو الذات كلها وكلمة شطر معناها الجهة، والشطر معناه النصف.. وكلا المعنيين صحيح لأنه حين يوجد الإنسان في مكان يصبح مركزًا لدائرة ينتهي بشيء اسمه الأفق وهو مدى البصر.. وما يخيل إليك عنده أن السماء انطبقت على الأرض. إن كل إنسان منا له دائرة على حسب نظره فإذا ارتفع الإنسان تتسع الدائرة.. وإذا كان بصره ضعيفا يكون أفقه أقل، ويكون هو في وسط دائرة نصفها أمامه ونصفها خلفه.
إذن الذي يقول الشطر هو النصف صحيح والذي يقول أن الشطر هو الجهة صحيح. وقوله تعالى: {فول وجهك شطر المسجد الحرام}.. أي اجعل وجهك جهة المسجد الحرام أو اجعل المسجد الحرام في نصف الدائرة التي أمامك.. وفي الزمن الماضي كانت العبادات تتم في أماكن خاصة.. إلي أن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الله له الأرض كلها مسجدا. إن المسجد هو مكان السجود ونظرًا لأن السجود هو منتهى الخضوع لله فسمى المكان الذي نصلي فيه مسجدا.. ولكن هناك فرق بين مكان تسجد فيه ومكان تجعله مقصورا على الصلاة لله ولا تزاول فيه شيئا آخر. المسجد مخصص للصلاة والعبادة.. أما المكان الذي تسجد فيه وتزاول حركة حياتك فلا يسمى مسجدًا إلا ساعة تسجد فيه.. والكعبة بيت الله. باختيار الله لذلك فإن الله يدافع عنها. وجميع مساجد الأرض بيوت الله باختيار خلق الله لذلك ترك الدفاع عنها لخلق الله ولذلك أيضا كان بيت الله باختيار الله قبلة لبيوت الله باختيار خلق الله.
وقوله تعالى: {وحيثما كنتم} يعني أينما كنتم.
{فولوا وجوهكم شطره}.. لأن الآية نزلت وهم في مسجد بني سلمة بالمدينة فتحول المسلمون إلي المسجد الحرام.. وحتى لا يعتقد أحد أن التحويل في هذا المسجد فقط والي الوقت الذي نزلت فيه الآية فقط قال تعالى: {وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره}.. وقوله جل جلاله: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون}.. أي أن الذين أوتوا الكتاب ويحاولون التشكيك في اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم.. يعلمون أن رسول الله هو الرسول الخاتم ويعرفون أوصافه التي ذكرت في التوراة والإنجيل.. ويعلمون أنه صاحب القبلتين.. ولو لم يتجه الرسول صلى الله عليه وسلم من بيت المقدس إلي الكعبة.. لقالوا إن التوراة والإنجيل تقولان إن الرسول الخاتم محمدًا صلى الله عليه وسلم يصلي إلي قبلتين فلماذا لم تتحقق؟ ولكان هذا أدعى إلي التشكيك.
إذن فالذين أوتوا الكتاب يعلمون أنه الحق من ربهم.. لأنهم في التوراة أن الرسول الذي سيجيء وسيتجه إلي بيت المقدس ثم يتجه إلي البيت الحرام.. فكأن هذا التحويل بالنسبة لأهل الكتاب تثبيت لإيمانهم بالرسول عليه الصلاة والسلام وليس سببا في زعزعة اليقين. وقوله تعالى: {وما الله بغافل عما يعملون}.. يريد الحق تبارك وتعالى أن يطمئن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تشكيكهم لا يقدم ولا يؤخر.. فموقفهم ليس لطلب الحجة ولكن للمكابرة.. فهم لا يريدون حجة ولا دليلا إيمانيًا.. ولكنهم يريدون المكابرة. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}.
أخرج ابن ماجه عن البراء قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرًا، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله إلى المدينة بشهرين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى إلى بيت المقدس أكثر تقلب وجهه في السماء، وعلم الله من قلب نبيه أنه يهوى الكعبة، فصعد جبريل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعه بصره وهو يصعد بين السماء والأرض ينظر ما يأتيه به، فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جبريل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله: {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: 143].
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن قدم المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرًا، ثم أنزل الله أنه أمره فيها بالتحوّل إلى الكعبة فقال: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء، فأنزل الله: {قد نرى تقلب وجهك} الآية.
وأخرج النسائي والبزار وابن المنذر والطبراني عن أبي سعيد بن المعلى قال: كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنمر على المسجد فنصلي فيه، فمررنا يومًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد على المنبر، فقلت: لقد حدث أمر...! فجلست. فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {قد نرى تقلب وجهك في السماء} حتى فرغ من الآية، فقلت لصاحبي: تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنكون أول من صلى فتوارينا فصلينا، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى للناس الظهر يومئذ إلى الكعبة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها} قال: هو يومئذ يصلي نحو بيت المقدس، وكان يهوى قبلة نحو البيت الحرام، فولاه الله قبلة كان يهواها ويرضاها {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال: تلقاء المسجد الحرام.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد ويتبع قبلتنا...! فقال: يدعو الله ويستفرض القبلة، فنزلت {قد نرى تقلب وجهك في السماء} الآية فانقطع قول يهود حين وجه للكعبة، وحوّل الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال.
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو في قوله: {فلنولينك قبلة ترضاها} قال: قبلة إبراهيم نحو الميزاب.
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم عن البراء في قوله: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال: قبله.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدينوري في المجالسة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن علي في قوله: {فول وجهك شطر المسجد الحرام} قال: شطره قبله.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس قال: شطره نحوه.
وأخرج آدم والدينوري في المجالسة والبيهقي عن مجاهد في قوله: {شطره} يعني نحوه.
وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدينوري عن أبي العالية في قوله: {شطر المسجد الحرام} قال: تلقاءه.
وأخرج ابن أبي حاتم عن رفيع قال: {شطره} تلقاءه بلسان الحبش.
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين قال: في قراءة عبد الله «وحيثما كنتم فولوا وجوهكم قبله».
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: البيت كله قبلة وقبلة البيت الباب.
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس مرفوعًا «البيت قبلة لأهل المسجد، والمسجد قبلة لأهل الحرم، والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي».
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: {وإن الذين أوتوا الكتاب} قال: أنزل ذلك في اليهود.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم} قال: يعني بذلك القبلة.
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن أبي العالية في قوله: {وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق} يقول: ليعلمون أن الكعبة كانت قبلة إبراهيم والأنبياء ولكنهم تركوها عمدًا {وإن فريقًا منهم ليكتمون الحق} [البقرة: 146] يقول: يكتمون صفة محمد وأمر القبلة. اهـ.

.فوائد بلاغية:

قال في صفوة التفاسير:
البلاغة:
1- في قوله: {ينقلب على عقبيه} استعارة تمثيلية حيث مثل لمن يرتد عن دينه، بمن ينقلب على عقبيه، كأنه يرجع إلى الخلف، وينتكس في دينه كما انتكس في مشيه.
2- {لرءوف رحيم} الرأفة: شدة الرحمة، وقدم الأبلغ مراعاة للفاصلة وهي الميمم في قوله: {صراط مستقيم} وقوله: {رءوف رحيم} وكلاهما من صيغ المبالغة.
3- {فول وجهك} أطلق الوجه وأراد به الذات كقوله: {ويبقى وجه ربك} وهذا النوع يسمى المجاز المرسل من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، ومثله قولهم: هذا ما جنته يدك، أي ما فعلته بنفسك. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال ابن عادل:

{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)}.
قال العلماء: هذه الآيةُ متقدِّمةٌ في النزول على قَوْلِهِ تَعَالى: {سَيَقُولُ السفهاء مِنَ الناس} [البقرة: 143].
ومَعْنَى: تحرُك وَجْهِكَ إلى السَّمَاءِ.
اعلم أنَّ {قَدْ} هذه قال فيها بعضُهم: إنها تَصْرفُ المضارعَ إلى مَعْنى المُضِيّ، وجَعَلَ مِنْ ذلك هذه الآيةَ وأمثالَها، وقوْلَ الشاعِرِ: الطويل:
لِقَوْمٍ لَعَمْرِي قَدْ نَرَى أَمْسِ فِيهُمُ ** مَرَابِطَ للأَمْهَارِ وَالعَكَرِ الدَّثِرْ

وقال الزَّمَخْشَرِيُّ: {قَدْ نَرَى}: رُبَّما نَرَى، ومعناه كثرةُ الرؤية؛ كقوله: البسيط:
قَدْ أَتْرُكُ الْقِرْنَ مُضفَرًّا أَنَامِلُهُ ** كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفُرْصَادِ

قال أَبُو حَيَّان: وشرحه هذا على التحقيق مُتَضَادّ؛ لأنه شرح {قَدْ نَرَى} برُبَّمَا نَرَى، وربّ على مَذْهب المحققين إنما تكون لِتَقْلِيل الشَّيْءِ في نَفْسِه، أو لتقليل نَظِيره.
ثُمَّ قال: ومعناه كثرةُ الرُّؤْيةِ فهو مضادٌّ لمدلولِ رُبّ على مذهب الجمهور.
ثم هذا الذي ادَّعاه من كثرة الرؤية لا يدل عليه اللفظ، لأنه لم توضع للكثرة قد مع المضارع، سواء أريد به المضي أم لا، وإنَّما فُهِمَتِ الكَثْرة من متعلّق الرؤية، وهو التقلب.
قوله: {في السَّمَاءِ} في متعلّق الجار ثلاثةُ أَقْوالٍ:
أحدهما: أنه المصدرُ، وهو {تَقَلُّب}، وفي {في} حينئذٍ وَجْهَان:
أحدهما: أنها على بَابِهَا من الظرفية، وهو الواضِحُ.
والثَّاني: أنها بمعنى إلى أي: إلى السَّمَاءِ ولا حاجةَ لذلك، فإنَّ هذا المصْدَرَ قد ثَبَت تعديه ب {في}، قال تعالى: {لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الذين كَفَرُواْ فِي البلاد} [آل عمران: 196].
والثاني من الأقوال: أنه {نَرَى}، وحينئذٍ تَكُون {فِي} بمعنى مِنْ أي: قد نرى من السَّماءِ، وذِكْرُ السماءِ وإن كان تَعَالى لا يتحيّز في جِهَةٍ على سَبيل التشريفِ.
والثالث: أنه محل نَصْب على الحَال من {وَجْهِكَ} ذكره أَبُوا البَقَاءِ، فيتعلّق حينئذ بمحذُوفٍ، والمصدرُ هنا مضافٌ على فَاعِله، ولا يجوزُ أنْ يكُونَ مُضَافًا إلى مَنْصُوبه؛ لأنه مصدرُ ذلك التقلِيبِ، ولا حَاجَةَ إلى حَذْفٍ، ومِنْ قوله: {وَجْهَكَ} وهو بَصَر وَجْهِك، لأن ذلك لا يكاد يستعمل، بل ذكر الوجه؛ لأنه أشرف الأعضاء، وهو الذي يقبله السَّائل في حاجته، وقيل: كنى بالوجه عن البصر؛ لأنه محلّه.
قوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً} الفاء هنا للِتَّسَبُّب وهو وَاضِحٌ، وهذا جوابُ قَسَم مَحْذُوفٍ، أيْ: فواله لنولّينَّكَ، ونُولِّي يتعدّى لاثْنين: الأولُ الكَافُ، والثَّانِي {قِبْلَةُ} و{تَرْضَاهَا} الجملة في محلّ نَصْبٍ صفةً ل {قبلة}.
قال أَبُو حَيَّان: وهذا؛ يعني: {فَلَنولّينك} يدلّ على أن الجملةَ السابقةَ محذوفة تقديرهُ: قَدْ نَرَى تقلّ وَجْهِكَ في السَّماء طَالِبًا قبلة غير التي أَنْت مُسْتقبلها.